للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ختم النّظمُ منك بحر قريضٍ ... ما أراهُ من بعدِ ختمك يُفتح

وكتب هو إلي رحمه الله تعالى وأنا بصفد في سنة أربع وثلاثين وسبع مئة:

سُررتم فإني بعدكم غير مسرور ... وكم لي على الأطلال وقفة مهجورِ

ولا حسَّ إلا حس صائحة الصّدى ... ولا أُنسَ إلا أنس عيسٍ ويعفور

فيا وحدةَ الداعي صداهُ جوابهُ ... ويا وحشةَ الساعي الى غير معمورِ

إذا قلت سيري قال سيري مُحاكياً ... وإن قلتُ زُوري قال لي مثلها زُوري

وما سرّني بالقُرب أني استزرتُها ... ولا ساءني بالبُعدي قولي لها سيري

فيا ويحَ قلبي كم يعلّله المُنى ... علالةَ دُنيا استعبدت كل مغرور

تواصل وصل الطيف في سنة الكرى ... ولست إذا استيقظتَ منه بمحبور

وتدنو دنوّ الآلِ لا ينقعُ الصّدى ... وتخلبُ آمالاً بخُلّبها الزورِ

تُنيل المُنى من سالمَتْهُ خديعةً ... وتُعقب من نيل المنى كل محذور

فدعها وثق بالله فالله كافلٌ ... برزقك ما أبقاك وارضَ بمقدور

وكن شاكراً يسراً وبالعُسر راضياً ... فأجرُ الرضا والشكرِ أفضلَ مذخورِ

فكتبت أنا الجواب عن ذلك:

هل البرقُ قد وشّى مطارفَ ديجورِ ... أو الصبحُ قد غشّى دُجى الأفقِ بالنورِ

وهل نسمةُ الأسحار جُرّت ذيولُها ... على زهر روضٍ طيّب النشر ممطورِ

وهيهاتَ بل جاءتْ تحيةُ جيرةٍ ... الى مُغرمٍ في قبضة البعد مأسورِ

أتته وما فيه لعائد سُقمه ... سوى أنه تنبثّ من قلب مصدورِ

فلما تهادت في حُليّ فصاحة ... من النظم عن سحر البلاغة مأثور

أكبّ على تقبيلها بعد ضمها ... الى خاطرٍ من لوعة البين مكسور

<<  <  ج: ص:  >  >>