وأجرى لها دمع المآقي ولم يكن ... يقابل منظوماً سواه بمنثور
فأرشفه كأسَ السُلاف خطابُها ... وغازله من لحظها أعينُ الحورِ
فكم حكمةٍ فيها لها الحكم في النهى ... وكم مثلٍ في غاية الحسن مشهورِ
يرى كل سطر في محاسن وضعه ... كمسكِ عذارٍ فوقَ وجنةِ كافورِ
فلا ألفٌ إلا حكت غُصنَ بانةٍ ... وهمزتُها من فوقها مثلُ شُحرور
فأصلح لا يثني الى الأرض جيدَهُ ... غراماً ولم يعدِل بها وردةَ الجوري
وقد كانت الأطماع نامت لياسها ... فلما أتت قال الغرامُ لها ثوري
وزادت جفون العين سُهداً كأنما ... حبَتْها بكحل منه في الجفن مذروري
وكان الدجى كالعام فاحتقرتْ به ... وقالت له ميعادُك النفخُ في الصور
ولا ترضَ من نار الحشا باتقادها ... فقد قذفتْ في كل عضو بتنور
وما شكرتْ عيني على سفحِ عبرتي ... على أن محصول البُكى غير محصور
وقالت أما نحيا الدموع لشدة ... فدعها تفِضْ من زاخرِ اللّج مسجور
ولو كنتُ ألقى في البُكا فرجاً لما ... مضى اليوم حتى كنتُ أولَ مغرور
ولو كنت ألقى الصبر هانت مصيبتي ... ولكنه للحظّ في غير مقدور
فإن تبعثوا لي من زكاة اصطباركم ... فإني لما تهدونه جدُّ مضرور
سلوا الليل هل آنستُ فيه برقدة ... فما هو ممن راح يشهدُ بالزورِ
فكم لي فيه صعقةٌ موسويةٌ ... وللقلب من تذكاركم دكةُ الطور