تشفعتُ للبين المشتِّ بكم عسى ... يعود هزيمُ القُرب عودةَ منصور
على أن جاه الحظّ أكرمُ شافع ... ولولاه لم يُحتج الى بنت منظور
وما هو إلا الحظ يعترضُ المُنى ... ولولاه كان الدهر أطوعَ مأمورِ
فكم في البرايا بين عانٍ ومطلَقٍ ... وسالٍ ومحزونٍ ودانٍ ومهجور
وليس سوى التسليم لله والرضا ... بقلب منيبٍ طائعٍ غير مقهور
وحاش لعلاّم الخفيات في الورى ... على ما ابتلاني أن أُرى غير مأجور
فكتب هو رحمه الله الجواب:
وردت المشرّفة السامية بحُلاها، الزاهية بعلاها، المشتملة على الأبيات الأبيّات، الصادرة عن السجيات السخيّات، التي فاقت الكنديّيْن، وطوت ذكر الطائيين، ما شئت من بدائع إيداع وروائع إبداع، تقف الفصاحةُ عندها وتقْفو البلاغة حدّها، فالله ذلك الفضل الوافي، بل السحر الحلال الشافي، بل تلك القُوى في القوافي، بل تلك المقاصد التي أقصدت المنى في المنافي، بل تلك المعاني التي حيّرت المُعاني، وفعلت في الألباب ما تفعله الثالث والمثاني، بل تلك الأوضاع التي حاك الربيع وشيَها، وامتثل القلم أمرها ونهيها، فهو يصرفها كيف يشاء مرسوماً، ثقة أنها لا تخالف له