ابن المولى الوليّ الصالح السعيد زين الدين سلمان بن فهد رحمهما الله تعالى في مجالس آخرُها التاريخ المذكور، وقد رأى أن ينظمني في سلك خدَمه ويُفيض عليّ كما أفاض عليهم ملابس نعمه، ويحشُرني في زمرة الآخذين عنه ويُقبسني أنوارَ كماله في التهذيب الذي لم تطمح النفسُ الأبية أن تقبسها إلا منه.
وكتبتُ أنا على أول هذا الكتاب:
إذا كُنتَ بالإنشاء حلْف صبابةٍ ... فقُم واتخذ حُسن التوسل واسطَهْ
به ختم الآدابَ مُنشيه للورى ... ولكن غدا في ذلك العقد واسطه
إمامٌ له في العِلم والجسم بسطةٌ ... وكفٌ غدت في ساحة الفضل باسطَهْ
فطوبى لمن أضحى نزيلَ مقرّه ... وقابلَه يوماً وقبّل باسطَهْ
فلما وقف هو عليها كتب إليّ رحمه الله تعالى:
أذا الدّرّ أم ذا الزّهر لو كان حاضراً ... محاسنه حسّانُ أصبح لاقطَهْ
وذا البدر حيثُ البدر في كبدِ السّما ... على حبّه أطيار عقلي ساقطَه
تفضّلت غرسَ الدّين لما تقبّلت ... علومُك أعمالاً من النقص حابطَه
وشيّدت إذ قيّدتَ فينا ضوابطاً ... قواعدُها لولا وجودُك هابطَه
وقرأت عليه بعض ديوان أبي الطّيب. وقرأت عليه ألفية ابن مالك ورواها لي عن المصنّف.
ولما قرأت عليه قوله في كتاب حُسن التّوسل:
فلم أرَ مثلَ نشرِ الروض لما ... تلاقينا وبنت العامريّ
جرى دمعي وأومضَ برق فيها ... فقال الروضُ في ذا العام ريّي