أخذتُ في الزهزهة لما في هذين البيتين من الجناس المركب، وبالغتُ في الثناء عليهما فقال لي: خُذ نفسك بنظم شيء في هذه المادة، فامتنعتُ فقال: لابد من ذلك، فغبت عنه يومي، وجئته في اليوم الثاني وأنشدته لنفسي في هذه المادة:
بقول الشافعيّ اعْمَل تُحقّقْ ... مُناك فما ترى كالشّافعيّ
فكم في صحبه من بحر علمٍ ... ومن حَبْرٍ ومن كشّاف عِيّ
فقال: حسن، وعجّب بهما الحاضرين. ثم قال: إلا أن قافيتي أنا رائيّة، فغبتُ عنه يومي وأتيته في غد، وأنشدته لنفسي:
أرى في الجَودريّة ظَبي أُنس ... فيا شَغفي به من جو دريّ
لبارق فيه سحّتْ سُحبُ دمعي ... فقال الروضُ إنّ الجودَ ريّ
وأنشدته لنفسي أيضاً:
أقول لمُقلتي لما رَمَت في ... فؤادي حسرةً من عنبريّ
سلمتِ وبات قلبي في عذابٍ ... ألم يخشى فؤادك عن بريّ
فقال: حسنٌ لسنٌ، وزاد في الإعجاب بذلك، ثم قال: إلا أن قافيتي أنا مؤسّسة، يعني أن فيها الألف، فأتيته في اليوم الثاني وأنشدته لنفسي أيضاً:
مليكٌ كم سحاب سحّ لي من ... نداهُ الهامعيّ الهامريّ
وقال السّيف في يُمناهُ لما ... رأى الأعداء: من ذا الهام ريّي
فقال: أجدتَ، ولكن أنا بيتاي في غزل، وهذان في مديح، فغبت عنه يومي، وجئته في اليوم الثاني وأنشدته لنفسي: