به عصم الله الأقاليم إذ غدا ... بأقلامه بعد الإله اعتصامها
بآرائه وهي السديدةُ أُحكمت ... عُراها فلا يُخشى عليها انفصامُها
به الدولة الغرّاء أشرق نورُها ... فجابَ البَرى وانجابَ عنها ظلامُها
بما نشرت من عدله في بلادها ... يزيدُ على عُمر الدهورِ دوامُها
إليه انتهى علمُ البيان وإنهُ ... لفي كل أنواع العلوم إمامُها
تميتُ العِدا قبل الكتائب كُتبُه ... فألفاظه وهي الحياةُ سِهامُها
له عزمة في الله للكُفرِ حرّها ... وللدين منها يَردُها وسلامُها
إذا الخيلُ صلّت في الحديد جيادُها ... وعبّت نهاراً في النّجيع صيامها
وأضحت وكالأمواجِ في بحر نقعها ... تدفّقها أو كالجبال اضطرامُها
تلا رأيهُ آيَ الفتوحِ على العِدا ... فولّت وقد أضحت عِظاماً عظامُها
ففي سورةِ الفتح المُبين ابتداؤها ... ومن آية النّصر العزيز اختتامُها
فردّ جيوشَ الشّركِ بعد اصطلائه ... لظاها وقد أحنى عليه اصطلامها
جوادٌ بما شاءَ العفاةُ كأنما ... لها في يديه حُكمها واحتكامُها
تقيٌّ له في الحقّ نفسٌ أبيّة ... وإن كُفَّ بالصّفحِ الجميلِ انتقامها
كريمٌ عريقٌ أصله وبنفسه ... مع الأصل دون الناس سادَ عصامُها
إذا ألِفَ الآراء ألّفَ وضعها ... فليس بمغنٍ للعِدا منه لامُها
روى زينةَ الدنيا فأضحى لزهده ... سواءٌ عليها ريّها وأوامُها
وأعرض عنها وهي في عصر حُسنها ... وقد زاد فيه وجدُها وغرامُها
ولا زُهدَ إلا وهي بيضاءَ غضّة ... يروقُ العيونَ الشّائماتِ وشامُها
يُسرّ اصطناعَ البرّ في الناس جاهِداً ... ليَخفى وهل يُخفي الشموس اكتتامُها