الأوصاف، وعدل بالرياح عن مباراته سلوكُها من الاعتراف له جادةُ الإنصاف، فترقّى المملوك الى رتب العزّ من ظهورها، وأعدّها لخطبة الجنان إذ الجهاد عليها من أنفَس مهورها، وكلِف بركوبها فكل ما أكمله عاد، وكل ما ملّه شرِه إليه، فلو أنه زَيدُ الخيل لما زاد، ورأى من آدابها ما دلّ على أنها من أكرم الأصائل، وعلم أنها ليوميَ حربه وسلمه جنة الصّايد وجُنّة الصائل. وقابل إحسان مُهديها بثنائه ودعائه، وأعدّها في الجهاد لمقارعة أعداء الله وأعدائه، والله تعالى يشكر برّه الذي أفرده في الندى بمذاهبه، وجعل الصافنات الجياد من بعض مواهبه، بمنّه وكرمه إن شاء الله تعالى.
ومن إنشائه رسالة في البُندق، وذكر الأربعة عشر واجباً، وهي من بدائع أعماله وما أظن أحداً يأتي بنظيرها، وقد سُقتها بكمالها في تاريخي الكبير، وسُقت كثيراً من نثره ونظمه.
وكتب إليه ناصر الدين حسن بن شاور المعروف بابن النقيب:
يا فاضلاً وافى محلّي زائِراً ... متفضّلاً والفضلُ للمتقدّمِ
ومشرّفي ومشنّفي بسلامه ... وكلامه ومبجلي ومعظمي
أنت الشهابُ الثاقبُ الذهن الذي ... أضحت ذكاء الى ذكاهُ تنتمي
والواضح الخطّ المحقّق أصله ... والطاهر القلم الموقع والفمِ
شعر كثير الدّرّ أو تبرغدَت ... في حجلةٍ منه ذراري الأنجم
مولاي زوّدني فإني راجلٌ ... من لفظكَ العالي المحل المُعلَم
وابعثْ إليّ بفذّ شيء منهما ... وامْنُن عليّ وجُدْ بذلك وانعمِ
فأجابه بقوله:
يا سيّداً لما وطئتُ بساطَهُ ... حدّثتُ آمالي بفيضِ الأنجمِ