الكريم، وقبّل منه خدَّ كعابٍ وسالفة ريم، ووصل ما أنعم به من الهدية الكريمة، فمن قلقاس يقصّر ابن قلاقس عن نعته، ويعجز البحتري لو أنه قواف عن نحته، كل رأس منه يعود في طبخه كالمُخّ، وتمشي النفس إليه وهو في رقعة الخوان مشي الرخ، رؤوسه كرؤوس العدا المحزوزة غلّفتها الدماء والهضاب، وأصابعه كأصابع العذارى إذا انغمست في الخضاب، يتفرّى العنبر عن كافوره، وينصدع الديجور منه بصبح بدا في سفوره، وينزل في اللهاة ليناً ونعومة وانملاساً، ويزدرد الحلقوم لذاذة يخطفها من العيش اختلاساً، ويكاد من نضجه يقول لطاهيه وآكله إذا شبّها وقاسا:
وإن سألوك عن قلبي وما قاسى ... فقل قاسى، فقل قاسى
ومن قصب سكرٍ كل عود له دونة غصن البان، وصفرةٌ استعارها من العاشق إذا صدّ عنه الحبيبُ أو بان، وحلاوة ذوق لولاها لما شبّهه إلا بالمرّان، وما ئيةٍ كريق الحبيب الذي ردّ الردى وصدّ الصدى عن القلب الحرّان، فشكراً لجزرات الهند وما أهدت منه لأرض العجم والعرب، وعُجباً للونه وطعمه ووصفه فما يُدرى هل هو قصبُ ذهب، أو قصب ضرَب، أو قصب طرب، وبخٍ بخٍ لجُرعه التي تمر بالحلق والازدراد نائم لم يتنبّه، وزاهٍ زاه لحالاته المتناقضة فإن حزّه كحزّ رقاب العدا ومصّه كمص شفاه الأحبة، ومن أترجٍ أصفر وكبّاد أحمر، هذا لونه لون الوجل، وهذا له حمرة الخدّ الخجِل، هذا تحرّج متضرّج، وهذاك تهيّج وما تدبّج، لا تنهض بأوصافهما قوائم المسودات والمبيّضات، ولا يقربُ منهما الفواكه الحلوة لأنها تقول: ما لنا وللدخول