في هذه المحمّضات، فالله يشكر هذه الأيادي التي جادت له بالبستان والقصر، ومتّعته وهو في الشام بالمحاسن التي ادّكر بها أوقات مصر، بمنّه وكرمه إن شاء الله تعالى.
وكان الأمير بدر الدين - رحمه الله تعالى - قد جهّز إلي من طرابلس ثوب صوف أزرق مربّعاً في غاية الحسن قرين كتاب منه. فكتبتُ أنا الجواب إليه أشكر إحسانه وهو: يقبّل الأرض، وينهي ورود المرسوم الكريم أعلاه تعالى، فوقف المملوك له قائماً، وقبّل شفة عنوانه اللعساء لاثماً، وتوهم أن هذا طيف خيال من فرحه وأنه كان حالماً، ووضعه على رأسه وعينيه، وفضّه فقبّل الأرض وكرر ذلك، كأن مولانا - أعزه الله تعالى - حاضر والمملوك بين يديه، ورآه متوّجاً بالاسم الكريم فعلم أن طالعه مسعود، وفاح أرجه فقال: هذا إما لطخ عنبر أو مس عود، ونزّه ناظره في تلك الحديقة التي تجدولت بالسطور وتطوّلت ببياض طرسها وسواد نقشها فقصر عنها كافور النهار ومسكُ الديجور، وعلم أن كاتبها حرسه الله تعالى قد تأني فيها وتأنق، ودبّجها بأنواع المنثور فقابل المملوك ما فيها من الجبر والصدقة بدعاء يرفعه، والملائكة بين سُرادق العرش تضعه، والله الكريم لعلمه بإخلاصه يستجيبُ له لما يسمعه، فإن المملوك ما توهّم أن العبد يرعى له المولى حقوقه، ولا أن المملوك يجري بين أيديهم ذكر السوقة، ووصل ما تصدق به مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره من الصوف الأزرق المربّع: