وكان قد حفظ الفصيح لثعلب، وكفاية المتحفظ، وسمع من علي بن عمر الوالي، ويوسف بن عمر الختني، ويوسف الدبابيسي، وغيرهم، ووضع شيئاً في المؤتلف والمختلف، وعمل سيرة مختصرة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرأ النسائي بنفسه، ودرّس بجامع القلعة بالقاهرة بواسطة قاضي القضاة جلال الدين.
وكان ساكناً جامد الحركة يلازم المطالعة والكتاب والدأب، وعنده كُتب كثيرة وأصول صحيحة.
كتب إلي من القاهرة وأنا بدمشق في سنة تسع وثلاثين وسبع مئة:
سلام كما ازدانت بروض أزاهرُ ... وذكرٌ كما نامت عيونٌ سواهرُ
تحية من شطت به عنك داره ... وأنت له عينٌ وسمعٌ وناظرُ
فيا سيد السادات غير مدافع ... ويا واحد الدنيا ولا من يفاخر
لك الشرف الأسمى الذي لاح وجهه ... كما لاح وجه الصبح والصبح سافر
لئن سهرت في المكرمات أوائل ... لقد شرفت بالمأثرات أواخر
يقبّل الأرض عبدٌ كتب هذه الخدمة عن ودّ لا أقول كصفو الراح، فإن فيها جُناحا ولا كسقط الزند، فربما كان شحاحاً، ولكن أصفى من ماء الغمام، وأضوا من قمر التمام، مستوحش من خدمتكم كثيراً، ومعلن بالثناء وإن كان المملوك حقيراً،