للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كنتَ لا تعطي الذّمام طواعة ... فعوذُ الأعادي بالكريم ذمامُ

وإن نفوساً أمّمَتْك، منيعةٌ ... وإن دماءً أمّلتْك حرامُ

إذا خاف ملك من مليكٍ أجَرْتَه ... وسيفَك خافوا، والجوار يُسامُ

إلا أنه فاز في الوفاء بالثّناء السموألي، وفاح بعد وفاته الذكر المندليّ، ولم يزل يدافع بوعوده، ويمني السلطان بوصاله بعد صدوده مدة تزيد على الاثنتين وعشرين سنة، والسلطان يرى كل سيئة يأتي بها حسنة، الى أن داس بساطه، وأوفد عليه اغتباطه، فسُرَّ بمقدمه، ولم ينل قطرة من دمه، وأفاض عليه أنعُماً أخجل البحار مددُها، وأملّ الأنفاس والأنفال عددها، وعاد الى بيوته سالما، وظن الناس به أنه كان في هذه الحركة حالما.

ولم يزل بعد ذلك على حاله الى أن ركب مطية الشرجع، وعزّ على ذويه المآب والمرجع.

وتوفي رحمه الله تعالى في ثامن عشر ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وسبع مئة بالقرب من سلمية، ودُفن بتربةٍ له في قرية بينها وبين سلمية مسافة بريد، وحزن العرب عليه، وأقاموا له مأتماً عظيماً، واجتمع الرجال لذلك والنساء من البلاد والقرى، ولبسوا السّواد، وعاش نيفاً وثمانين سنة.

وقلت أنا لما توفي رحمه الله تعالى:

أمسى مهنا بالممات منغّصا ... فمصابُه عمّ الأنام وخصّصا

كم شقّ منه على الصوارم والقنا ... إدراكُ مطلوبٍ وقد شقّ العصا

<<  <  ج: ص:  >  >>