وأقام في نجدٍ بحصن مانع ... لا تستطيع له الجيوش تخلّصا
حتى إذا وافت منيّته، وقد ... أمسى به ظلُ الحياة مقلّصا
جرّت عليه الريح ذيلَ هوانه ... لم يدرِ ضربَ الرمل أو طرْقَ الحصى
وهؤلاء آل فضل هم جمهرة العرب، وجمهرة الحرب والحرَب، وسحبُ السّماح إذا جرّ الكرم ذيله وانسحب.
ومهنّا جده: هو الأمير مانع بن حُديثة بن فضل بن ربيعة الطائي الشامي التدمري، كان أمير عرب الشام في دولة طغتكين صاحب دمشق، ولم يصرّح لأحد من هذا البيت بإمرة على العرب بتقليد من السلطان إلا من أيام العادل الكبير أبي بكر أخي السلطان صلاح الدين، أمّر منهم حُديثة، ثم إن ابنه الكامل قسم الإمرة نصفين لمانع بن حُديثة ولغنّام أبي طاهر بن غنّام، ثم إن الإمرة انتقلت الى أبي بكر بن علي بن حُديثة، وعلا فيها قدره، وبعدَ صيتُه.
ولما كان من البحرية ما كان، ساقت تصاريف الدهر الملك الظاهر بيبرس الى بيوتهم وهو طريدٌ شريد، ولم يكن معه سوى فرس واحد يعوّل عليه، فسأل علي بن حُديثة فرساً يركبه فلم يُعطه شيئاً، وكان ذلك بمحضر من عيسى بن مهنا، فأخذه عيسى إليه، وضمّه وآواه وأكرمه وقراه، وخيّره في رباط خيله، فاختار منها فرساً، فأعطاه ذلك وزوّده، وبالغ في الإحسان إليه، فعرفها الظاهر له، ولما تسلطن الظاهر، انتزع الإمرة من أبي بكر بن علي، وجعلها لعيسى بن مهنا، وأتاه أحمد بن طاهر بن غنّام وسأله أن يشركه معه في الإمرة، فأرضاه بأن يعطيه إمرة ببوق،