للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشام الثمانية، واجتمعت عساكر مصر والشام، وعهِد الخليفة إليه بحضور العالمين، وحلف المصريون والشاميون، ولم تتفق مثل هذه البيعة لأحد من ملوك الأتراك، لاجتماع أهل الإقليمين في يوم واحد بحضور الخليفة، وكان يوماً مشهوداً عظيماً.

ثم إنه ولّى طشتمر نيابة مصر، وقطلوبغا الفخري نيابة دمشق، وإيدغمش أمير آخور نيابة حلب، والأحمدي بيبرس نيابة صفد، والحاج آل ملك نيابة حَماة، والأمير شمس الدين آقسنقر نيابة غزّة، ولما فعل ذلك بهؤلاء الأكابر خافه الناس وهابوه وأعظموا أمره، وبعد أربعين يوماً من ملكه أمسك طشتمر وأخذه معه إلى الكرك، وبعض إلى إيدغمش بأم يُمسك الفخري، فأمسكه وجهّزه إليه مع ابنه، فلما وصل به إلى الرمل جاء من عند الناصر أحمد مَنْ أخذه منه وتوجّه به إلى الكرك، وأخذ الناصر أحمد معه من مصر سائر الخيول الثمينة الجيّدة التي في إصطبل السلطنة، وجميع البقر والغنم التي بالقلعة، وأخذ الذهب والدراهم وسائر الجواهر وما في الخزائن، وتوجّه بجميع ذلك إلى الكرك، وجعل الأمير آقسنقر السلاري نائباً بمصر، وأخذ معه القاضي علاء الدين بن فضل الله كاتب السر والقاضي جمال الدين جمال الكفاة ناظر الجيش والخاص وجعلهما عنده في قلعة الكرك، واستغرق هو في لهوه ولعبه وما سوّله له الشيطان، واحتجب عن الناس مطلقاً، وسيّر من يمسك الأحمدي بصفد، فلما أحسّ بذلك هرب من صفد وجاء إلى دمشق، وجرى ما سيأتي ذكره في ترجمة الأحمدي، ثم إنه أحضر الفخري وطشتمر يوماً وضرب عنقيهما صَبراً، وأخذ حريمهما وسباهُنّ وسلّط عليهنّ نصارى الكرك، ففعلوا بهنّ كلّ قبيح، فحينئذ نفرت منه

<<  <  ج: ص:  >  >>