القلوب، واستوحش الناس منه، ولم يعد يحضر من الكرك كتاب ولا توقيع بخطّ موقَّع، إنما يرد ذلك بخط نصراني يُعرف بالرضي، وإذا توجّه أحد إلى الكرك لا يرى وجه السلطان، وإنما الذي يدبّر الأمور واحدٌ من أهل الكرك يعرف بابن البصّارة، فماج الناس لأجل ذلك في الشام ومصر، وجهّز المصريون إليه الأمير سيف ملكتمر الحجازي ليرى وجه السلطان، فلما بلغه وصوله جعله مقيماً بالصافية أياماً، ولم يستحضره ولا اجتمع به، فرُدّ على حاله إلى مصر، فأجمع المصريون رأيهم على خلعه وإقامة أخيه إسماعيل مكانه، فخلعوه، وحلفوا للصالح إسماعيل، وحضر الأمير سيف الدين طقتمر الصلاحي للبشارة إلى دمشق، وحلّف عساكر الشام، وكان يوم خلعه يوم الخميس ثاني عشر شهر الله المحرَّم سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة، وكان مدّة ملكه بالقاهرة والكرك دون الأربعة أشهر.
ولما استقرّت الأحوال وثبت ملك الصالح أمر بتجهيز العساكر من مصر والشام لحصار الكرك، فتوجّه الناس، وكلما حضرت فرقة توجّهت فرقة من مضر والشام، فيُجرح من هؤلاء ومن هؤلاء ويقتل منهم جماعة، وهلك الناس أجمعون بسببه من التجاريد، وسُخّر الناس لحمل الأتيان والشعير والمؤن للعساكر، وجرّ المجانيق والأثقال والسلاح وآلات الحصار من الدبّابات وغيرها، وطال الأمر ولم يبق أمير في مصر والشام حتى تجرّد إليه مرة ومرتين.
قال لي الأمير بدر الدين جنكلي بن البابا رحمه الله تعالى الذي خصني على الناصر في كلفة قدومه من التقدمة له ومن النفقة على التجاريد والتوجّه إليه ألف ألف