وكتبت أنا إليه من الديار المصرية أهنئه بكتابة السر بالشام في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة:
كم عدو يموت أيام يحيى ... ومحبّ في العز والسعد يحيا
هذه دولة تقول الليالي ... لعُلاها أهلاً وسهلاً ورعيا
طالما اشتاقها الزمان بنفسٍ ... هي للمجد والمكارم ظميا
جِمجَمَ الدهرُ مدة بسواها ... وهو منها يُسرّ في القلب أشيا
أطلعت في سما دمشق شهابا ... منه شمس النهار في الأفق خَزْيا
أين من يطلب المعالي وتأبى ... من رئيس تأتي لمغناه سعيا
لو أراد الزمان يأتي بمثلٍ ... لعلاه بين البريّة أعيا
كاتب السر سرَّ كل محبّ ... وأعاد الجميل فينا وأحيا
بسجايا من السحائب أندى ... وجناتٍ من الحدائق أفيا
ذو سكون وعفة ليس يشكو ... من خُطاه وجهُ الثرى قطّ وطيا
صرّفِ الآن دهرنا يا شهاب ال ... دين مهما أردت أمراً ونهيا
ومر السعد بالذي تشتهيه ... فهو يأتي في الحال ما اخترت جَريا
فلك الحمدُ والمآثر إرث ... عن كرامٍ زكوا مماتاً ومَحيا
أنت من عصبةٍ كرامٍ نماهم ... خالدُ بن الوليد في كل عَليا
عملوا صالحاً وحازوا المعالي ... فهم الفائزون أخرى ودُنيا
بك تزهى دمشق فامنع حماها ... فلها من علاء في العز بُقيا
قلم في بيان كفك يسعى ... فوق طرس أم حاك في الخط وشيا
كل سطر كأنه إذ تبدّى ... شفةٌ بالمدادِ الأسودِ لَميا
ينثر الدرّ بل يُري السحر حقاً ... حين يُملي عليه فكرك وحيا
فإذا ما أعملتَهُ في مهمٍّ ... يستبيح الأعداء قتلاً وسبيا