هذه الدولة التي كنت أرجو ... أن أرى لي بها مع السعد لُقيا
ويسر الفؤاد نيلُ الأماني ... وأرى طعم صبره صار أرْيا
لا أراني لها الزمان انفصالاً ... ما اشتكى عاشق من الحب نأيا
يقبّل الأرض ويهنئ نفسه والأنام، ومملكة الشام والأيام، وبيض الطروس وسُمر الأقلام وأرباب الطيالس وأصحاب الأعلام، بهذه الرتبة التي طلع في سمائها شهاباً توقّد نوره وكات سرٍّ كثرت بمعاليه في ديوان الإنشاء شموسه وبدوره، ووجدت الأقلام لها في ميدان البلاغة مجالاً، وبلغت المعالي من قربه أمانيها فلم تعدم بمن تهوى اتصالاً:
وزاد المرهفات ضياءَ عزمٍ ... فصار على جواهرها صِقالا
وأبصرت الذوابل منه عدلاً ... فأصبح في عواملها اعتدالا
فالله يرزقنا معاشر الأرقاء شكر هذه النعمة التي أقمر بها ليل الأمل والتحف الدهر منها برداء المحاسن واشتمل، وانتشق خمائل فضلها من كانت الأيام أخرته حتى خمل، وانتصف فيها من كانت واقعته تذكّر الناس بأيام صفّين والجمل:
وأضحى فضلها في الناس باد ... يدار بها على الشرب العُقارُ
فهذه الأيام التي كانت بها الآمال في الضمائر أجنّة، وهذه الأوقات التي جرت إليها سوابق الأماني مُطلقات الأعنة، وهذه الدولة التي جرت في رياض حماها جداول السيوف تشقّ رياحين الأسنّة، ليس فيها ما يقال له: كمُلَت لو أن ذا كمال.