فأنتم يا بني القيسراني فضلكم مثل جدكم خالد، ونجمُ من عاندكم هابط ونجم سعودكم صاعد، وجنان الفضل ترون فيها " مُتكئين فيها على الأرائك " وتحيتكم فيها المحامد، وأيديكم تضرب من البلاغة في الذهب الذائب إذا ضرب غيركم من العي في الحديد البارد، وبنان حسانكم ينهلّ بالنّدى فهو جائد وبنانُ غيركم جامد. زينتم الوجود من عصر نور الدين الشهيد سُقي ضريحه رحمة وبرّاً، وبدأت حسنات الأيام بوجودكم من هناك وهلم جرّا، كم قد تجمل منكم منصب الصحابة بوزير، وكم جلس منكم كاتب سرّ بين يدي صاحب السرير، وكم حلّيتم بدرر إنشائكم جيد قاضٍ وعنق أمير، وكم روى الإحسان منكم عن نافع وابن كثير.
أما فضائلكم فإنها ملأت الدفاتر، وأقرّت بالتقصير عنها مآثر البواتر.
وأما تشددكم في الدين فقد تفيأ الظل من سدرة المنتهى، وبلغ غايةً لم تكن الشمس في علوّ المنزلة أختَها.
وأما مكارمكم فما عهد الناس مثلها من البرامك، ولا اجتلوا مثل أقمارها في الدياجي الحوالك. وكيف لا يجد الناس بكم صفاء الأيام وفي وجودكم لذة العيش، أم كيف لا ينشقون أرج الخزامى وبنو مخزومٍ ريحانة قريش، فالله لا يُخلي الوجود من حسناتكم التي تفيد كل بهجة وتحيي من موت الفضائل كل مهجة.
بقاؤكم عصمةُ الدنيا وعزّكم ... سترٌ على بيضة الأيام منسدل