المهارق أنساك سحر الأحداق وزهر الحدائق، وكان له عناية بالحديث، وسماع القديم والحديث، قرأ بنفسه، وأسمع أولاده، ورحل بهم عن أوطانه، وفارق أحباءه وبلاده.
وكان موسيقاراً يتقن اللحون والأنغام، ويقرّ له في هذه الصناعة ربُّها ويخضع له ولو أنه الضرغام، فإذا أورد لحناً أعرب فيه عن أستاذيته، وفتن أهل الغرب بمشرقيته، وسلب عقولهم بمشرفيته:
ما كان حين يُغنّي في مجالسهم ... إلا نسيم الصّبا والقوم أغصانُ
قدم من العراق الى الشام، وانتجع بارق الملك الناصر وشام، وتوجه الى الديار المصرية، وطلب العود الى دمشق لما عند نفسه الأبيّة من الحرية، ثم إنه عاد الى عراقه وادّكر أوطانه لطيب أعراقه.
ولم يزل هناك يكتب عن الملوك وينظّم درّ رسائلهم في السلوك الى أن انتظم النظام في سلك الأموات وعدّ بعد حياته من الرُفات وفات.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة إحدى وستين أو سنة ستين وسبع مئة. ورد خبر موته من بغداد.
كان هذا نظام الدين قد وصل من بغداد مع الوزير نجم الدين بن شروين وناصر الدين خليفة بن علي شاه لما وفدوا على السلطان الملك الناصر.