حكى لي من لفظه قال: دخلنا مصر، واستقر نجم الدين بن شروين أمير مئة مقدّم ألف، وناصر الدين خليفة طلبه الأمير سيف الدين تنكز من السلطان، فسيّره إليه، وأعطاه إمرة طبلخاناه في دمشق، وبقيت أنا عند الأمير سيف الدين قوصون، إذ طلبني يقول لي: يا شيخ نظام الدين، قول لنا ذلك البيشوره، قول لنا ذلك القول، قول لنا ذلك الساذج الذي لحنته أنت: فقلت أنا في نفسي: متى فترت يا يحيى أداروك هؤلاء مغنياً لا غير، فطلبت من السلطان العود الى دمشق، فجهزني إليها.
ولما ورد من باب السلطان أعطاه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى مشيخ ةالربوة، فأقام بها مدة يُسمع أولاده الحديث ويقرأ بنفسه على الأشياخ الى أن طلب العود الى بغداد، لأجل أملاكه، وكان أولاً يكتب الإنشان عن حكام بغداد، ولما عاد إليها استمر كذلك وكانت الكتب ترد عن حكام بغداد الى ديوان الإنشاء بخطه.
وكان والده النور حكيماً يطبّ ملوك المغل وغيرهم. وكان نظام الدين يكتب المنسوب ويضع الكوفي والمعقلي من أحسن ما يكون وأجوده، ووضع أشياء بخطه في بيت القاضي شهاب الدين يحيى بن القيسراني، وهي في غاية الإتقان، وأراني درجاً قد كتب فيه منازل الحج من بغداد الى مكة، وصوّر ذلك، وشجّره في خرقة كتّان، وهو من أحسن الأوضاع في التحرير والإتقان.
وكان أستاذاً في علم الموسيقى، له فيه أقوال وأعمال ينقلها عنه أربابُ هذا الفن في