ولم يزل بدمشق كاتب سر الى أن حضر السلطان من الكرك الى دمشق، وتوجه الى مصر سنة تسع وسبع مئة وهو معه، وعاد الى دمشق على وظيفته الى أن حضر أخوه القاضي شرف الدين عوضه بدمشق، ثم إنه عُطّل من المباشرة مدة، وأُخذ منه مبلغ مئة ألف درهم، وبقي مدة بلا خدمة، ثم رسم له أن يكون موقّعاً في الدست قدام الأمير سيف الدين تنكز، فلبث بعد ذلك الى أن باشر صحابة ديوان الإنشاء بعد القاضي شمس الدين ابن الشهاب محمود في رابع عشر ذي القعدة سنة سبع وعشرين وسبع مئة.
وأقام على ذلك الى أن طلبه السلطان الملك الناصر الى مصر، وولاه كتابة السر بها لما بطُلتْ حركة القاضي علاء الدين بن الأثير، وطُلب معه القاضي شهاب الدين، وولده، والقاضي شرف الدين أبو بكر حفيد شهاب الدين محمود، فوصلوا الى القاهرة في تاسع عشر المحرم سنة تسع وعشرين وسبع مئة، وأعيد شرف الدين الى كتابة سرّ دمشق عوضاً عن محيي الدين، وأقام بالقاهرة مدة الى سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، وكان شرف الدين قد طلع مع تنكز الى مصر، فرُسم لشرف الدين أن يكون كاتب السرّ بمصر، وأن يتوجه القاضي محيي الدين وأولاده مع تنكز الى دمشق، وذلك في نصف شعبان من السنة المذكورة، ولم يلبث شرف الدين في المنصب إلا ريثما حجّ السلطان وعاد معه، فرسم لشرف الدين بعوده الى كتابة سر دمشق، وطُلب القاضي محيي الدين وأولاده الى مصر ثانياً، واستمر القاضي محيي الدين على ذلك الى سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة، فزاد ضعفه، وكبُرت سنّه، فطلب من السلطان أن يعود الى دمشق ليموت بها، فرسم له بالتوجه الى دمشق، وألزم ولده القاضي شهاب الدين بالتوجه معه، وكُتب له توقيع عظيم في قطع الثلاثين بأن يستمر على صحابة الديوان بالممالك الإسلامية، وأن يكون جميع المباشرين لهذه الوظيفة من بالباب فمن دونه