للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل سجع لو أن البحر يعرف ما ... يأتي به لاستحتْ منه لآليه

يا من سردت معانيه وأقسمُ ما ... تدري الليالي له مثلاً فتحويه

اصبر على فقد مولى كلُّ ذي أدب ... إن كان يُنصفُ لا ترقا مآقيه

وسلّم الأمر في هذا لخالقه ... تنلْ من الله ما تغدو تُرجّيه

فأنت أولى بصبر القلب في حزنٍ ... ما غير فضلك فينا من يُعانيه

ولم أر فيمن عاصرته من كتب النسخ وخرّج التخاريج والحواشي أحلى ولا أظرف ولا آنق من القاضي محيي الدين بن فضل الله ومن الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، نعم والقاضي جمال الدين إبراهيم بن شيخنا شهاب الدين محمود، ولكن القاضي محيي الدين رعشت يده في آخر عمره، وارتجت كتابته أخيراً، ورأيت بخطه المثل السائر، والوشي المرقوم وهما في غاية الحُسن.

وأول ما كتب الإنشاء بدمشق في أيام أخيه القاضي شرف الدين عبد الوهاب سنة إحدى وستين وست مئة، ثم إنه جهّزه الى حمص، فأقام بها سنتين، ونُقل الى دمشق، فأقام مدة، ثم أعيد الى حمص وأقام بها قريباً من خمس سنين، ثم إنه نقل الى دمشق، ولما توجه أخوه الى كتابة السر بمصر وأقام بها الى أيام السلطان حسام الدين لاجين حصل للقاضي شرف الدين استرخاء، فجهّز السلطان أحضر القاضي محيي الدين سنة سبع وتسعين وست مئة، فأقام بمصر ينوب عن أخيه تسعة أشهر، ثم إنه طلب العود الى دمشق، فأعيد إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>