يقول معه " ما أغنى عنّي مالَيَه "، وتجددت له حال حالكة وحالة الإسلام حالية، على أن أهل الذمة في الذلة ماهرون، وتمام المصيبة أنهم يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
وكان المجلس العالي القضائي الضيائي أبو المحاسن يوسف ممن جمّل الدول، وأسعفته الأيام بمراده حتى كأنها له من جملة الخول، وفخر زمانه بوجود مثله، وشهد حتى حسّاده بوفور فضله، وأجرى الله تعالي نهر دُرْبته فكان غير آسن، وبهر حُسن أوصافه حتى صدق من قال: إن يوسف أبو المحاسن، ورفع الله خبره فانتصب تمييزاً، ومضت له مدة في الشام والسعدُ يقول: هذا في مصر يكون عزيزاً، وخُطب الى الديار المصرية فوردها وحلّ بها فحلّ الأمور تصرفاً وعقدها، وولي المناصب العلية، وباشر الوظائف السنيّة، أحسن نظره في الأوقاف وأجرى أمورها على أجمل الأوصاف، ونظر في أموال الأيتام فنما حاصلهم وربا، وأجمل المعاملة لهم فما انتهى لهم سبب إلا أتبع سبباً، وتولى نظر البيمارستان المنصوري فغمره بحسن النظر وعمره، وأثّر فيه بنياناً لألأ الضياء شمسه وقمره، وزاد أوقافه ريعاً وملكاً، ونظم درّ تدبيره الجميل سلكاً، وباشر الحسبة الشريفة، فكانت بمعارفه أليق وأشبه، وأصبح قدرها بولايته أنبل وأنبه، وروّع أصحاب الغش بمهابته، وما لكل محتسب عند الناس حسبه، الى غير ذلك من نظر الأهراء التي ملأها حبّاً، وصبّ الله البركات فيها بنيته الطاهرة صبّاً، ونظر دار القنود التي حلّت بحديثه فيها، وتميز ارتفاعها جُملاً تعجِز واصفيها.