هذا الى صدر رحيب، وخلق ما له مُشاكل ولا ضريب، وثناء هو في الذكر أبو الطيب، ووجه الى القلوب حبيب، فكأنه كعبة قصّاد، ومنزل روّاد، ومنهل ورّاد، وحِلبة جود سبق فيها حاتماً هذا الجواد. قد تورّع عن المناصب الدنيوية، وعرضت عليه أيامنا الشريفة وأيام والدنا الشهيد فلم يكن له فيها رغبة ولا نيّة، وندبناه لنظر دولتنا الشريفة، ورقيناه ذُرا شرفاتها المنيفة، فجعل نجوم أموالها أهلّة، وأمطر سحائبها المستهلّة، وأعرض عنها فما باشرها إلا تحلّة، ولوى جيده عنها واستعفى، ورنّق الإهمال في ناظره حتى أغفى، فأجبنا قصده وأعفيناه، وعلمنا تورّعه فآثرنا راحته إلا بما استثنيناه، وخبأنا له عندنا ما يناسب مراده ويوافق اجتهاده، ويعاضد اعتماده، عِلماً بإعراضه عن العرض الأدنى، وزهداً فيما وزرُه يبقى وحطامه يفنى.
فلذلك رُسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطان الملكي الصالحي العمادي أن يفوّض إليه نظر الجوالي بمصر والقاهرة المحروستين والوجه القبلي والوجه البحري مضافاً الى ما بيده.
فليباشر ما فُوّض إليه مباشرة عهدت من حسن اعتماده وشُهدت من وافر اجتهاده، وهو بحمد الله غنيٌ عن الوصايا التي تشير إليها أنامل الأقلام، وتخفق بها من قعقعة الطروس أعلام، فما نعلّم عوانه فيها خمرة، ولا نُطلع في أفق هذا التوقيع نجماً، ولو شاء أطلع شمس الصواب وبدره، ولكن تقوى الله تعالى ملاك الأمور