قلت: في البيت الثالث نظر.
وكان مقيماً بدمياط، وهو خفيف الحركة، جمُّ النشاط لأنه كان خطيب الورّادة، يجيء إليها كل جمعة، ويخطب بها على العادة، ثم يعود إلى دمياط.
ولم يزل على حاله إلى أن صار ابن الجبّاس في الجبّان، وانتقل إلى رحمة الملك الديّان.
وتوفي رحمه الله تعالى....
وسألته عن مولده فقال: في سنة ثلاث وخمسين وست مئة.
وأجاز لي بخطه ما يجوز لي تسميعه، وأنشدني من لفظه لنفسه يصف المور:
كأنما الموز في عراجنه ... وقد بدا يانعاً على شجرهْ
فروع شعرٍ برأس غانيةٍ ... عُقصن من بعد ضمّ منتشره
وفي اعتدال الخريف أحسن ما ... تراه في وَردِه وفي صدره
كأنّ مَنْ ضمّه وعقّصه ... أرسل شُرّابةً على أثره
كأن أشجاره وقد نُشرتْ ... ظلال أوراقه على ثمره
حاملةٌ طفلها على يدها ... تظلّه بالخِمار من شَعره
كأنما ساقُه الصقيل وقد ... بدت عليه نقوش معتبره
ساقُ عروسٍ أُميط ميزرُها ... فبان وشيُ الخضاب في حبره
يصاغ من جدولٍ خِلاخلها ... فتنجلي والنشار من زهره
حدائقٌ خفقت سناجقُها ... كأنها الجيش أمّ في زُمره