زُهي فَراق العيون منظره ... فما تملُّ العيونُ من نظره
وكل آياته فباهرةٌ ... تَبين في وِرده وفي صدره
كأنما عمره الحقير حكى ... زمان وصل الحبيب في قصره
كأن عرجونه المشيب أتى ... يخبر أنْ خانه انقضى عمره
كأنه البدر في الكمال وقد ... أصيب بالخُسف في سنا قمره
كأنه بعد قطعه وقد اص ... فرّ لما نال من أذى حِجره
متيّمٌ قد أذابه كَمدٌ ... يبيت من وَجْده على خَطَره
معلّقٌ بالرجاء ظاهره ... يخبر عمّا أجنّ من خَبره
يطيب ريحاً ويُستلذّ جنىً ... على أذىً زاد فوق مُصطَبره
كأنه الحُرّ حالَ محنته ... يزيد صبراً على أذى ضرره
قلت: قد تكرر معه لفظ في وِرده وفي صدره في موضعين وهو عيب جائز، وفي بقية الأبيات لا يجوز من حيث العربية، ولكن لهذه الأبيات ديباجة لحلاوة هذه القافية.
وأنشدني من لفظه لنفسه في رمّانة:
كتمتْ هوىً قد لجَّ في أشجانها ... وحشَتْ حشاها من لظى نيرانها
فتشقّقتْ من حبّها عن حبها ... وجداً وقد أبدى خَفا كِتمانها
رُمّانةٌ ترمي لها أيدي النوى ... من بعدما رُمّا على أغصانها
فاعجبْ وقد بكت الدموع عَقائقاً ... لا مِنْ محاجرها ولا أجفانها
ومن نظمه أيضاً، والتزم الهاء الأولى.
أفنيتُ ماء الوجه من طول ما ... أسأل مَن لا ماء في وجهه