فإنا لله وإنا إليه راجعونَ " قولهُ من وهى عمادُه، وفقد من كان على الله تعالى وعليه توكله واعتمادُه، وذهب من كان يفديه من القلب سويداؤه، ومن الطرف سوادُهُ، وعدم من أحزن الوجود فقده حتى نُشر من الليل حدادُه، وذر من الصباح رمادُه:
مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقى بقعةٌ ... غداةَ ثوي إلا اشتهت أنها قبرُ
فرحم الله تلك الروحَ الطاهرة وكاها، وشكر لها برها المتنوع وتقواها، ورفع أعمالها إلى درجات الأبرار ورقاها، وأجزل لها موادَ الغفران وأنماها، ونوّلها من الرضوان ما لا ينقطع أمده ولا يتناهى، وجعل دار المقامة مقامها، وفي جنة المأوى مأواها، فإنه كان زكاها وهذبها في طول مدته بالعلم والعلم، وما بقي لمولانا - أعظم الله أجره - غير الأخذ بسنة الصبر، والتأسي بكل فرعٍ تثنى على الأرض، وأصله قد ذوى على القبر، وهذا أمر لا بد لنا من شرب كأسه وبلوغ أنفاسه، ونفوذ سهم المنية في قرطاسه، وهو - أحسن الله عزاءه - أعلمُ بما يقال وأخبر وأجل من أن ينبه لمثل هذا وأكبر:
أنت يا فوق أن تُعزى عن الأحباب فوقَ الذي يعزيكَ عقلاً
ومن كان مولانا خلفه فما غاب شخصه عن غابه، ولا ظعن سؤدده عن جنان جنابه، فيا هنا دستٍ أنت صدرهُ، وأفق منصب أنت بدره، ويا انتصافات