للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر، فخرج عنه، فعاد وجاء إلى دمشق وامتدح الأمير سيف الدين تنكز، ومدح ناصر الدين الدوادار وناصر الدين الخزندار بقصيدة أولها:

قد أيّد الرحمنُ ملَّةَ أحمد ... بالناصريْن محمدٍ ومحمدِ

فتوسَّطا له عند مخدومهما فأعطاه إقطاعاً في حلقة دمشق، وكان أمره أحد الأسباب التي أوقعت بين تنكز والجاوليّ، وبقي ألطنبغا بدمشق مقيماً، وأُمسك الجاوْليّ، وأقام في الاعتقال مدة، ولمّا أُفرِج عنه توجّه إليه ألطنبغا وخدمه مدة، ثم إنه أخرجه إلى دمشق في أيام الأمير علاء الدين ألطنبغا، وجعله من جهته مشداً على الوقف المنصوري.

واجتمعتُ به كثيراً والقاهرة ودمشق، وبيني وبينه مكاتبات ومجاراة ومطارحات ومباراة؛ لأنه كان ينظم الدُّرّ شعراً، ويُباهي به النَّثْرة والشعْرى، قد جوَّد المقاطيع، وأبرزها كأزهار الربيع، ولكن قصائده دوَّنها في الطبقة، وبروقها ليست في سماء الإجادة مؤتلقة.

وكان يتمذهب للشافعي، وله اجتماع بالشيخ صدر الدين محمد بن الوكيل وغيره من فضلاء العصر، ويبحث جيّداً، ولم يكن عن طرائق الفضل متحيداً. وعقيدته للأشعري منسوبة وفي عداد أصحابه محسوبة.

ولما توجه معي إلى الشيخ تقي الدين بن تيميه سال ذهنه إليه، وأقبل بجملته عليه، ومال إلى قوله، ودار من حوله. ثم إنه بعد فراقه تراجع عنه إلا بقايا، وادكر غدوات قربه والعشايا.

وكان وجهاً في حسنه بديعاً، ومحيا يذر قلب ناظره صريعاً، مديد القامة، يرهي على بدر وجهه من شعره ظلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>