ولما توفي زين الدين بن حلاوات موقع طرابلس نقل إليها القاضي بهاء الدين بن غانم، فتوجه إليها وأقام بها إلى سنة خمس وثلاثين وسبع مئة، فقضى بها نحبه، وفارق من ألفه وأحبه في ليلة الجمعة ثامن عشري صفر من السنة، وكان قد حفظ التنبيه، ومن مسموعاته مسند الإمام أحمد على ابن علان.
وكان في صفد قد حصل له ميل إلى مغن يدعى طقصبا، وصار يعمل به السماع في كل ليلة، وقرر ذلك كل ليلة عند واحد من أكابر الناس. وأنشدني من لفظه لنفسه:
لا ترجّى مودةٌ من مغنّ ... فمعنّى الفواد من يرتجيها
أبداّ لا تنال منه وداداً ... ولك الساعة التي أنت فيها
وأنشدني أيضاً من لفظه لنفسه:
كدت أبلى ببليّه ... من جفونٍ بابليّه
فتكت في القلب لكن ... كانت التقوى تقيّه
وأنشدني من لفظه لنفسه:
يا من غدا مشتغلاً ... عمن به يشتغل
بيتك قلبي وهو من ... هجرك لي يشتعل
وأنشدني من لفظه لنفسه في بدر الدين بن الخشاب مشد صفد وشرف الدين بن كسيرات الناظر وكانت له عذبة:
يا ماعرا صفداً مذ حلّ منصبها ... وحلّ بالشدّ عقداً من مآثرها
دقّت بدرّة نحسٍ لا خلاق له ... أما تراها علت أكتاف ناظرها
وأنشدني من لفظه لنفسه:
يا سيّداً حسنت مناقب فضله ... فعلت بما فعلت على الآفاق