كان معدوداً من الفرسان والأبطال الذين ليسوا من نوع الإنسان. إذا التقى الصفان وسل السيفان نزل عن ظهر جواده وجلس على بساط، واستعمل ما يبعث النفس على الانبساط، وتناول سقرقا صرفا، وركب للحملة على عدوه طرفا.
وكان قد قرر في عسكره أنه من مات في المعترك، فإقطاعه لولده من غير مشترك، ومن هرب فأنا وراءه بالرهب، وإذا وقع في يدي فالسيف، وما أرى في ذلك سلوك جنف ولا حيف.
فلهذا ما ثبت له أحد، ولا وجد من دونه ملتحد. وهزم جيوشاً عديده، وفتح بلاداً مساحتها مديده.
وكان قد خطر له أنه هو المهدي الذي يجيء آخر الزمان ويمهد الأرض، ولما بلغ أباه ذلك ركب وجاء إليه ورده عن العقيدة، واستصحبه معه إلى الأردو إلى خدمة القان بوسعيد. ولما حضر معه رأى الناس في الأردو ينزلون قريباً من خام الملك، فقطع الأطناب بالسيف، ووقف على باب خان القان ورمى بالطومار، وقال: أينما وقع ينزل الناس على دائرته. فأعجب ذلك بوسعيد. وعاد إلى بلاد الروم حاكما.
وكان واسع الكرم، تحسده الغمائم فتتوقد من البوارق بالضرم، لا يبالي بما أنفق، ولا ينام وجفنه على فائت مؤرق. وكان كرمه وجوده المفرط من أسباب هلاكه وإيقاعه في حبائل الموت وأشراكه، لأنه لما وصل إلى القاهرة لحقه من أمواله بالروم مئة ألف راس غنم فيما أظن، أو ثمانون ألف رأس، فلما وصلت إلى قطيا أطلق منها لبكتمر الساقي عشرين ألف رأس، ولقوصون كذا، ولفلان كذا ولفلان كذا، ففرق الجميع، فلم يهن هذا الأمر على الملك الناصر محمد. ودخل يوماً حمام قتال السبع التي في