الشارع تحت القلعة، ولما خرج أعطى الحمامي ألف درهم والحارس ثلاث مئة درهم، فزاد ذلك في حنق السلطان عليه.
وكان حسناً شكله، كأن قوامه غصن بان وشعره ظله، إذا خطا تخطر، وظن بقوامه أنه رمح يتأطر، تعطفه نشوة الشباب ويظن من تثنيه أنه ارتشف بنت الحباب، شكا السلطان منه ذلك إلى بعض خواصه وقال: أرأيت هذا تمرتاش كيف يمشي قدامي، هذا إنما هو إعجاب منه بشكله وقده، واستخفافا. فقال: والله يا خوند هكذا يدخل إلى الطهارة، وهذه عادته أبداً.
وكان السبب في دخوله إلى هذه البلاد أنه لما مات أخوه دمشق خواجا، وهرب أبوه جوبان، اجتمع هو بالأمير سيف الدين أيتمش، وطلب الحضور إلى مصر، وحلف له أيتمش أيماناً معظمة عن السلطان، فحضر في جمع كبير، وخرج الأمير سيف الدين تنكز نائب دمشق، وتلقاه في يوم الأحد خامس عشري صفر سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، وتوجه إلى السلطان، وظن أن السلطان يخرج له، فلم يخرج لتلقيه وأمر برد من حضر معه إلا القليل، وأعطى لكل واحد مبلغ خمس مئة درهم وخلعة، فعاد الجميع إلا اليسير، وأراد السلطان أن يقطعه شيئاً من أخباز الأمراء، فقال له الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب: يا خوند، أيش قال عنك؟ أنه وفد عليك وافد من الروم ما كان في بلادك ما تعطيه إقطاعا حتى تأخذ من إقطاع أمرائك، فرسم ل كل يوم من دخل قطيا بألف درهم، إلى أن ينحل له إقطاع يناسبه، ورسم له