تنكّر يوم تنكز كّل عرف ... وسام الذلّ فينا كلّ سام
ومال إلى المدينة كلّ مولى ... وحام على الرزية كلّ حام
وأذهل يومه الألباب حتّى ... كأنّا فيهب صرعى بالمدام
بكيت دمشق لمّا غاب عنها ... وأوحش أفقها بدر التّمام
فيا تمزيق شمل العدل فينا ... ويا تفريق ذاك الإنتظام
ويا لمصيبةٍ بدمشق حلّت ... شدائدها بأحداث عظام
فكم من مقلة للحزن تجري ... مدامعها بأربعةٍ سجام
رعاه الله من راعٍ أمينٍ ... أنام بعدله عين الأنام
وكفّ حوادث الأيّام عنهم ... فلم تطرق حماهم بانتقام
وكيف ينوبهم خطبٌ ملمٌّ ... وناب الدّهر فيهم غير نام
حنوٌّ زاد في إفراط برٍّ ... يسكّن برده لهب الضّرام
وتدبيرٌ خلا عن حظّ نفسٍ ... وناب الرّعب فيه عن الحسام
ودستٌ حكمه في دار عدلٍ ... تأيّد بالملائكة الكرام
وكم جبّار قومٍ ذي عتوٍّ ... تهيّب أن يراه في المنام
يساوي عنده في العدل بين ال ... كرام الغرّ والسّود اللئام
وهيبته سرت شرقاً وغرباً ... وشاعت عنه في مصرٍ وشام
يراع المغل في توريز منه ... ويطرق أرضهم في كلّ عام
وكم قطع الفرات وصاد حتّى ... توغّل في فضا تلك المرامي
إذا ما قيل هذا اللّيث وافى ... مضوا هرباً كأمثال النّعام
فرائسه فرائصها تراها ... دوامي لا تزال على الدّوام
ولم نر قبله ليثاً أتته ... أفاعي القيد تنذر بالحمام