تداعت ولا يقيل البناء جموعها المتفرقه، والطرق قد شرقت بالسيول فلا تنطق آثارها المغربة ولا المشرقه، وقد قص جناح الارتكاض، وحصت قوادمه، فما تنهض وعظمه مهتاض، والسيل قد بلغ الزبا، وسوى بين الوهاد المتطامنة والربا، وبكت السقوف بعيون الدلف، وحملها المطر بيده العادية على خطه خسف، واستدل لها بمنطق الرعد على أن قدامها الخير، فقالت: هذا خلف، وشهر الصوم قد بلغ غايته، وعيد الفطر قد نصب رايته، وتلا آيته، وطلب من الموسر والمعسر كفايته، فأعاذ الله مولانا من الطلب فيه، ولا ألجأه إلى السعي لابتغاء فضل الله إلا بفيه، بمنه وكرمه.
فكتبت أنا الجواب إليه عن ذلك: العجب من سؤال مولانا عن المملوك كيف حاله، وعنده علم هذا العناء الذي نصب على الأين والنصب تمييزه وحاله، وهي حال أبي الطيب، وما علم ابن منصور بها، ولو علم استعمل التباله. أما ترى هذا النوء الذي ذم نواله وحمد نواه، وأذهل الصائم عن صومه، فما بيت أمره ولا نواه وشغله من حسه فما يدري أفطر على تمرة أم نواه؟، قد هال الجبال أمره، فشابت من الفرق إلى القدم، وغمرت سيوله الأباطح والربا، ولكن من الزيادة بدم، كيف يهنأ العيش وبروق الجو سيوف تخترط، ونفس هذه الرعود يخرج بعدما حبس في حشا السحاب وانضغط، وإلحاح سائل هذا المطر، فلو كان قطره دراً لما مدّ الفقير إليه يداً ولا التقط، وتوالي هذه الغيوث التي لو عاينها ابن هانىء لما قال: