كأن الأيام قواف اندمجت في الليل، أو النجوم أقاح ولكن غطاها تراكم السحاب بالذيل، أو كأن الله جعل الزمان سرمداً، فما يتعاقب فيه شمس ولا قمر، ولا تصفو لجة الأفق بضوء ولا ترميها الدياجي بكدر؛ قد تزاحمت الغياهب على المواقيت بالمناكب وجهلت المدد فيا وحشتا لحاجب الشمس ومحيا القمر وعيون الكواكب، أكل هذا تشريع تشرين، وشره شره الذي نتجرع من أمره الأمرين، وشهرة شهره، فيا أيام كانون إذا جئت ماذا تبيعين وتشرين، أما المساكن فأهلها مساكين، وأفواههم من الحزن مطبقة فما تفتحها السكاكين، قد انتبذ كل منهم زاوية من داره، وتداخل بعض في بعض لتضمه بقعة على مقداره، هرباً من توقيع أكف الوكف، وخوفاً من ركوع الجدار وسجود السقف، وما يعتقد المملوك أن في كانون هذه الجمرات، ولا أن ساباط سباط وأذى آذار يرمي القلوب بهذه الحسرات، وتمام التعثير في الركوب إلى دار السعادة، والكتابة التي صارت في هذا الزمان زيادةً في نقص السيادة، واتساع هذه الأهوال، وضيق ذات اليد مضاف إلى ضيق النفوس، وبصاق هذا الثلج في وجه الضاحك منا والعبوس، وسكر هذه الميازيب التي لا تبوك إلا على الرؤوس، وأشغال الديوان التي تكاثر المطر، ولا تبلغ الغاية من الوطر، فنحن من الديوان في جامعة لا جامع، وباب البريد على عدد الساعات ودقه هامع وبرقه لامع، لا يفتر وروده، ولا يزال يصل حديده، وتصل وفوده، وكل كتاب يصل معه يتفرع منه