نائباً حضر معه القاضي شهاب الدين أحمد بن غانم، وكان زين الدين عمر بن حلاوات قد قدمه الشيخ نجم الدين وجعله يكتب عنده، فما زال يسعى إلى أن وقع الاتفاق بينهم وبين القاضي شرف الدين النهاوندي وغيره، وقرروا الأمر مع النائب إلى أن قطع الشيخ نجم الدين من التوقيع، وبقي بيده خطابة الجامع الأموي، ثم إنهم صادروه، حتى توجه خفية إلى دمشق، وكان الأمير سيف الدين بلبان بدمشق مشد الدواوين، وهو يعرفه من صفد، فاستخدمه موقعاً بدمشق، وكتب قدامه، وكان القاضي محيي الدين بن فضل الله يأمن إليه ويقدمه ويستكتبه في السر وغيره، وأضيف إليه خطابة جامع جراح بدمشق. ولما تولى الأمير سيف الدين كراي نيابة دمشق كان يعرفه من صفد ويركن إلى أمانته وعفته، فقلده الأمر وغدقه به، فتعب بذلك تعباً مفرطاً ونصح مخدومه، فكان لا يعلم لا من يده، فعادى الدماشقة ومقتوه، ولما أمسك كراي اختفى وسلمه الله منهم لما سلكه من الأمانة والعفة. أخبرني من لفظه قال: رددت ليلةً مئتي دينار، ورهنا تلك الليلة طاسةً على زيت القنديل.
ولما حضر الأمير جمال الدين نائب الكرك إلى دمشق أغروه به، وأرادوا منه الإيقاع به، فقال: أخذ لأحد شيئاً؟ فقالوا: لا، قال: فما أصنع به إذا نصح لمخدومه. ثم إنه جهز إلى صفد خطيباً وموقعاً، وكان زين الدين بن حلاوات قد انفرد بالأمر وتمكن من نواب صفد، ودخل إلى النائب وقرر معه ما أراد، فلم يمكنه من مباشرة شيء، فبقي في صفد إلى أن حضر له توقيع ثان، وكلما حضر له توقيع عطله، إلى أن أشركوا بينهما في التوقيع والخطابة، فأقاما مدة، فوقع بينهما، فطلبا إلى دمشق، وقرر الأمير سيف الدين تنكز أن يخيرا وينفرد كل واحد بوظيفة، فاختار