للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زماناً تقضّى أو ربوعاً تطاولت ... عهودك منها وانمحت بيد البلى

ففاضت جفوني بالدموع لقولهم ... وقلبٌ له أبكى حبيباً ومنزلا

وهل نافعي أنّ الرياض تدبّجت ... بساحتها أو صوت قمريّها علا

وللورق من زهر الرياض مجامرٌ ... إذا حركت عوداً تحرّق مندلا

وقد راح منها الدوح لابس حلّة ... وصاغ من الأزهار تاجاً مكلّلا

وغنّى حمام الأيك ثمّ تراقصت ... غصونٌ سقتها الريح كاساتها ملا

فمالت سكارى ثمّ صفّق جدولٌ ... فألقت عليها من معاطفها الحلى

فمن جدولٍ أضى حساماً مجرّدا ... ومن هيف أغصانٍ تحرّك ذبّلا

وللبين في الأحشاء ما لو أقلّه ... يثير قليلاً ملّ ثمّ تململا

كأنّ اجتماع الشّمل عقدٌ تعلّقت ... بأسلاكه كفّ النّوى فتفصّلا

ففارقت مخدوماً حمى الله ربعه ... من الدهر يوماً ما أبرّ وأجملا

سقاني طفلاً قهوة العلم والنهى ... وزاد إلى أن طال قدري واعتلى

وألبسني لمّا اتّصفت برقّة ... من الفخر والعلياء مجداً مؤثّلا

وكم نعمٍ لو رمت تعدادها أبت ... وكانت من الإحصاء للذرّ أسهلا

إذا غبت عن أبوابه فهباته ... إليّ كأنفاس النّسيم توصّلا

وإن قذفتني غربةٌ كان جوده ... سحاباً يوافيني فأعطى ونوّلا

ووافى في كتاب منه من بعد جفوة ... فأضحى به دمعي على الخدّ مرسلا

لقد أنشأته راحةٌ كفّ كفها ... من الخطب ما أعيى الأنام وأعضلا

تمنى ملثّ الغيث لو كان بطنها ... وودّت بها الأنهار لو كن أنملا

على أن كتبي لا تزال كتائباً ... أُلاقي بها في ساحة الوجد جحفلا

أقبّل فيها الأرض أعني مؤدّيا ... بذلك فرضاً ما أراه تنفّلا

وإن كان في الأحشاء ما يمنع الفتى ... من الوجد والتّبريح أن يترسّلا

فلا زال محروس الجناب مظفّرا ... بأعدائه ما هيّج الشوق مبتلى

<<  <  ج: ص:  >  >>