للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأهدى إليه نسمةً سحريّةً ... أعادت فؤاداً طالما عنه قد شطّا

تمرّ على روض الحمى نفحاتها ... فتهدي إلى الأزهار من نشرها قسطا

وتنثر عقد الطلّ في وجناتها ... فتظهر في لألاء أوجهنا بسطا

وتطلع منه في الدجا أيّ ألجم ... وتلبس عطف الغصن من سندسٍ مرطا

وتوقظ فوق الدوح ورق حمائمٍ ... جعلنا قلوب العاشقين لها لقطا

هم نسبوا حزناً إليها وما دروا ... وما أرسلت من جفنها أبداً نقطا

وكم تيّمت صبّاً بلحن غريبه ... رواه الهوى عنها وما عرفت ضبطا

فيا ليت شعري هل بها ما بمهجتي ... من الوجد أم لم ترع عهداً ولا شرطا

هل هي في دوحات كلّ خميلةٍ ... تغرّد أو ناحت على فقدها السّبطا

ولو أنّها قد تيّمتها صبابةٌ ... لما طوّقت جيداً ولا جاورت شطّا

ولا عانقت غصناً بكفّ مخضّب ... ولا اتّخذت من زهر أعطافه قرطا

ولا لبست ثوباً يروق مدبجاً ... ولا نسيت عهد الهديل ولا الأرطى

ولو ذكرت أيامنا بطويلعٍ ... لأجرت كدمعي مذ بدت لمّتي شمطا

وقد نفّرت عني غرابيب صبوتي ... غرابيب دهرٍ جار في الحكم واشتطّا

وخطّ على فوديّ سطراً حروفه ... رقمن بقلبي عارض الحتف مذ خطّا

ولكنّه قد أودع الفكر حكمةً ... أفادته عرفانا فيا نعم ما أعطى

تجارب أيامٍ لها الغدر شيمةٌ ... فكم سترت فضلاً وكم أظهرت غمطا

وألبسه ثوباً من العلم معلماً ... بدا لذوي جهلٍ فأورثهم سخطا

إذا ما روت عنه البلاغة منطقاً ... يرى النجم في عليائه عنه منحطّا

وإن غاص في لجّ البيان يراعه ... أرى جنّةً لا أثل فيها ولا خمطا

<<  <  ج: ص:  >  >>