للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة جمال الدين أبو الطيب ابن العلامة شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي.

كان ذهنه ثاقبا، وفهمه لإدراك المعاني مراقبا، حفظ التسهيل لابن مالك، وسلك من فهم غوامضه تلك المسالك، وحفظ التنبيه، وكان يستحضره وليس له فيه شريك ولا شبيه، وقرأ غير هذا.

وكان يعرف العروض جيداً، ويبيت لأركان قواعده مشيداً، وينظم الشعر بل الدرر، ويأتي في معانيه بالزهر والزهر، وكانت مكارمه طافحه، وأنامله غيوث سافحه، كثير التواضع في الملتقى، غزير المروءة لا يصل النجم معه فيها إلى مرتقى، عفيف اليد في أحكامه، لم يقبل رشوة أبداً، ولم يسمع بذلك في أيامه، يتصدى لقضاء أشغال الناس، ويعامل من أساء أو أجرم معاملة متغاض متناس، فأحبته القلوب، ومضى حميداً على هذا الأسلوب. إلى أن نغص شبابه، وتقطعت بمن يوده أسبابه.

وتوفي - رحمه الله تعالى - يوم السبت ثاني شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبع مئة.

ومولده في شهر رجب الفرد سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة.

وقلت أرثيه:

رزء الحسين عظيمٌ ... وهو العذاب الأليم

ومالنا فيه إلاّ ... صوب الدموع حميم

والصبر أولى ولكن ... صبر الفؤاد عديم

ففي العيون دموعٌ ... تنهلّ منها الغيوم

وفي الحشى زفراتٌ ... منها تشبّ الجحيم

والليل صار حداداً ... تقمّصته النجوم

وللسحائب خدٌّ ... من الرّعود لطيم

<<  <  ج: ص:  >  >>