والجوّ ضاق خناقاً ... فما يهبّ نسيم
وما تنفّس صبحٌ ... بل راح وهو كظيم
حزناً لقاضٍ قضى ما ال ... ذمام منه ذميم
وكان قاضي عدلٍ ... صراطه مستقيم
يقضي بحقٍّ وصدقٍ ... عن الهوى لا يريم
ترى الثناء عليه ... قد طاب منه الشميم
يلقى الورى منه وجهٌ ... طلق المحيّا وسيم
وثغره في ابتسام ... به يسرّ الغريم
وخلقه مثل روضٍ ... والنبت منه غميم
وجهٌ حييٌّ وخلقٌ ... سهلٌ وصدرٌ سليم
أحبّه الناس حتّى ... مظلومهم والظّلوم
فلو يجور وحاشى ... قضى ارتضته الخصوم
إن الزمان أراه ... بمثله لعقيم
لو كان يفدى لجادت ... أرواحنا والجسوم
وإنّما الموت أمرٌ ... لم ينج منه عظيم
وذاك فينا وفي من ... قد فات داءٌ قديم
قاضي القضاة تصبّر ... فالخطب فيه جسيم
لكنّ مثلك راسٍ ... لمّا تخفّ الحلوم
قد كان درّة عقدٍ ... والسلك فيه نظيم
فما يضرّ سناه ... إن زاك منه قسيم
ودرّه في اتّساقٍ ... والكلّ درٌّ يتيم
إذا بقي أخواه ... فسوف تؤس الكلوم
فلا تبت في عذاب ... وقد حواه النّعيم