للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أَنَّ قَولَهُ: ((وَكِلْتَا يَدَي رَبِّي يَمِينٌ)) مَعْنَاهُ أَنَّ شِمَالَهُ سُبْحَانَهُ لَيسَتْ بِأَنْقَصَ مَنْ يَمِينِهِ -كَحَالِ البَشَرِ-، فَهِيَ لَا تَعْنِي أَنَّهَا لَيسَتْ شِمَالًا، وَدِلَالَةُ ذَلِكَ سِيَاقُ الحَدِيثِ وَفِيهِ: ((فَقَالَ اللهُ لَهُ [أَي: لِآدَمَ]-وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ-: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي؛ وَكِلْتَا يَدَي رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ)) (١).

وَالأَقْرَبُ -وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- هُوَ التَّوَقُّفُ فِيهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا مِنْ جِهَةِ صَنْعَةِ الحَدِيثِ (٢).

- قَولُهُ: ((ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ)) أَي: هَزًّا حَقِيقِيًّا، فَيَظْهَرُ فِيهِ لِلعِبَادِ فِي ذَلِكَ المَوقِفِ عَظَمَتُهُ تَعَالَى وَقُدْرَتُهُ.

وَفِي الحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ- يَقُولُ: ((يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ -وَقَبَضَ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا- ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الجَبَّارُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟)) قَالَ: وَيَتَمَيَّلُ


(١) أَفَادَهُ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين فِي كِتَابِهِ (القَولُ المُفِيدُ) (٢/ ٥٣٤).
(٢) وَجَاءَ فِي كِتَابِ (صِفَاتُ اللهِ ﷿ الوَارِدَةُ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) للشَّيخِ عَلَوِيُّ السَّقَّافُ (٣٧٩):
"أَوَّلًا: القَائِلُونَ بِإِثْبَاتِ صِفَةِ الشِّمَالِ أَوِ اليَسَارِ، وَمِنْهُم: الإِمَامُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَصِدِّيقُ حَسَن خَان، وَمُحَمَّدُ خَلَيل الهَرَّاسُ، وَعَبْدُ اللهِ الغُنَيمَانُ، وَإِلَيكَ أَدِلَّتَهُم وَأَقْوَالَهُم: … (وَسَاقَهَا).
ثَانِيًا: القَائِلُونَ بِأَنَّ كِلْتَا يَدِي اللهِ يَمِينٌ -لَا شِمَالَ وَلَا يَسَارَ فِيهِمَا- مِنْهُمْ: الإِمَامُ ابْنُ خُزَيمَةَ فِي (كِتَابِ التَّوحِيدِ)، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالبَيهَقِيُّ، وَالأَلْبَانِيُّ، وَإِلَيكَ أَدِلَّتَهُم وَأَقْوَالَهُم: … (وَسَاقَهَا).
التَّرْجِيحُ: إِنَّ تَعْلِيلَ القَائِلِينَ بِأَنَّ إِحْدَى يَدَي اللهِ ﷿ يَمِينٌ وَالأُخْرَى شِمَالٌ؛ وَأَنَّنَا إِنَّمَا نَقُولُ كِلْتَاهُمَا يَمِينٌ؛ تَأَدُّبًا وَتَعْظِيمًا؛ إِذِ الشِّمَالُ مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالضَّعْفِ؛ قَولٌ قَوِيٌّ، وَلَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ؛ إِلَّا أَنَّنَا نَقُولُ: إِنَّ صِفَاتِ اللهِ تَوقِيفِيَّةٌ، وَمَا لَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي وَصْفِ إِحْدَى يَدِي اللهِ ﷿ بِالشِّمَالِ أَوِ اليَسَارِ؛ فَإِنَّنَا لَا نَتَعَدَّى قَولَ النَّبِيِّ : ((كِلْتَاهُمَا يَمِينٌ)). وَاللهُ أَعْلَمُ". تَمَّ بِحَذْفٍ دُونَ تَصَرُّفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>