للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الحَدِيثِ: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً؛ فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الإِسْلَامِ. قَالَ: فَأَوحَى اللهُ إِلَى مُوسَى أَنْ قُلْ لهَذَينِ المُنْتَسِبَينِ: أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا المُنْتَمِي -أَوِ المُنْتَسِبُ- إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ! فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا المُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَينِ فِي الجَنَّةِ! فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الجَنَّةِ)) (١).

- قَولُهُ: ((عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا)) أَرَادَ المُصَنِّفُ الإِرْشَادَ إِلَى أَنَّ المَصَائِبَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَنْفَعَةُ العَبْدِ، فَتَكُونُ نِعْمَةً فِي حَقِّهِ، وَهَذَا مِمَّا يَحْمِلُهُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيهَا وَالاحْتِسَابِ وَالاسْتِرْجَاعِ؛ فَتَكُونُ المُصِيبَةُ فِي تِلْكَ الحَالِ خَيرًا لَهُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيبٍ مَرْفُوعًا: ((عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِنِ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيرٌ -وَلَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ-، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ؛ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ؛ فَكانَ خَيرًا لَهُ)) (٢).


=
قالَ: غَزَونَا مَعَ النَّبِيِّ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوا، وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ! وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! فَخَرَجَ النَّبِيُّ فَقَالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟!!)) ثُمَّ قَالَ: ((مَا شَأْنُهُمْ؟)) فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ : ((دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ)).
وَ (الكَسْعُ): أَنْ تَضْرِبَ دُبُرَ الإِنْسَانِ بِيَدِكَ، أَو بِصَدْرِ قَدَمِكَ.
(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢١١٧٨) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. الصَّحِيحَةُ (١٢٧٠).
(٢) مُسْلِمٌ (٢٩٩٩).
وَعِنْدَ أَحْمَدَ (١٦٨٠٦) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلَاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيهَا، فَقَالَتِ المَرْأَةُ: مَهْ! فَإِنَّ اللهَ ﷿ قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ، وَجَاءَنَا بِالإِسْلَامِ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَأَصَابَ وَجْهَهُ الحَائِطُ فَشَجَّهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ((أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللهُ بِكَ خَيرًا، إِذَا أَرَادَ اللهُ ﷿ بِعَبْدٍ خَيرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ عَلَيهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَومَ القِيَامَةِ)). صَحِيحٌ. اُنْظُرْ تَخْرِيجَ كِتَابِ (كَلِمَةُ الإِخْلَاصِ وَتَحْقِيقُ مَعْنَاهَا لِلحَافِظِ ابْنِ رَجَب) (ص ٤٧) لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>