للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيئًا مِنْهَا عَلَى الحَقِيقَةِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ أقرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ، وَهُم عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا نَافُونَ لِلمَعْبُودِ!

وَالحَقُّ فِيمَا قَالَهُ القَائِلُونَ بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ، وَهُمْ أَئِمَّةُ الجَمَاعَةِ. وَالحَمْدُ للهِ" (١).

القِسْمِ الثَّانِي: مَنْ جَعَلُوا الظَّاهِرَ المُتَبَادِرَ مِنْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ مَعْنًى بَاطِلًا لَا يَلِيقُ بِاللهِ، وَهُوَ التَّشْبِيهُ، وَأَبْقَوا دِلَالَتَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ المُشَبِّهَةُ، وَمَذْهَبُهُم بَاطِلٌ مُحَرَّمٌ مِنْ عِدَّةِ أَوجُهٍ، وَيُخَالِفُ مَا فَهِمَهُ السَّلَفُ فيَكُونُ بَاطِلًا.

القِسْمِ الثَّالِثِ: مَنْ جَعَلُوا المَعْنَى المُتَبَادِرَ مِنْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ مَعْنًى بَاطِلًا لَا يَلِيقُ بِالله وَهُوَ التَّشْبِيهُ، ثُمَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْكَرُوا مَا دَلَّتْ عَلَيهِ مِنَ المَعْنَى، فَهَؤُلَاءِ صَرَفُوا النُّصُوصَ عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَى مَعَانٍ عَيَّنُوهَا بِعُقُولِهِم، وَاضْطَرَبُوا فِي تَعْيِينِهَا اضْطِرَابًا كَثِيرًا، وَسَمَّوا ذَلِكَ تَأْوِيلًا، وَهُوَ فِي الحَقِيقَةِ تَحْرِيفٌ، وَمَذْهَبُهُم بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ:

أ- أَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى النُّصُوصِ حَيثُ جَعَلُوهَا دَالَّةً عَلَى مَعْنًى بَاطِلٍ غَيرِ لَائِقٍ بِاللهِ وَلَا مُرَادٍ لَهُ.


(١) التَّمْهِيدُ (٧/ ١٤٥).
قُلْتُ: وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (١٣/ ٤٠٧): "وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنْ يُونُس بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: للهِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا، وَمَنْ خَالَفَ بَعْدَ ثُبُوتِ الحُجَّةِ عَلَيهِ فَقَدَ كَفَرَ، وَأَمَّا قَبْلَ قِيَامِ الحُجَّةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالجَهْلِ، لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يُدْرِكُ بِالعَقْلِ وَلَا الرُّؤْيَةِ وَالفِكْرِ، فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيهَ كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ﴾ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>