للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير عمدٍ، فمنعه من الإرث من قاعدة "سد الذارئع".

٢ - فهذا كله من الصيانة والحصانة للدماء؛ لئلا يكون الطمع سببًا لسفكها، ويؤكد حديث الباب ما روى مالك في الموطأ، وأحمد في مسنده, وابن ماجه عن عمران عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس لقاتل ميراث".

وفي الباب أحاديث كثيرة تقصد هذا المعنى.

٣ - ولا شكَّ أنَّ منع القاتل من ميراث مورثه فيه حكمةٌ رشيدةٌ، ومبدأٌ سامٍ حكيمٌ، فحب المال، والرغبة في الاستيلاء عليه، قد يطغى على جانب الرحمة والمودة، فيستبطيء الوارث حياةَ مورثه، فيُقدم على قتله؛ ليستأثر بالثروة، فالشارع الحكيم سدَّ عليه هذا الطريق، وقفل بوجهه هذا الباب فقال: "لا يرث القاتل شيئًا" كما أنَّ منعه من الميراث هو عقوبةٌ، وتعزيرٌ له على إقدامه على هذه الفعلة الشنيعة، بإزهاق النفس البريئة، وقطيعة الرحم.

* خلاف العلماء:

اختلف الأئمة في صفة القتل الذي يمنع من الإرث:

فذهب الشافعي إلى أنَّ القاتل لا يرث من قتيله بحال من الأحوال، حتى ولو كان القتل بحق، كقصاص، وكونه حكم عليه بالقتل قصاصًا، أو حدًّا، أو كونه جلادًا لولي الأمر، أو مزكِّيًّا للشهود الذين شهدوا بجناية الوارث لقتله، أو كان القتل بانقلاب نائمٍ، أو كونه مجنونًا، أو قصد تأديب ابنه فمات، أو كونه بطّ جرحه للعلاج فمات من البط، كل هذه الصور وغيرها من القتل وأسبابه عند الإِمام الشافعي، مانعةٌ من الإرث؛ لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرث القاتل شيئًا".

وذهب مالك: إلى أنَّ القتل نوعان:

أحدهما: العمد العدوان، فهذا لا يرث صاحبه مطلقًا.

الثاني: أن يكون القتل خطأً، فهذا يرث من ماله، ولا يرث من دِيته؛

<<  <  ج: ص:  >  >>