وقال البيهقي: هذا حديث تفرد به القاسم بن عبد الواحد عن ابن عقيل، ولم يحتج بهما الشيخان البخاري ومسلم، ولم يخرجا هذا الحديث في الصحيح بإسناده، وإنّما أشار البخاري إليه في ترجمة الباب، واختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت صفة الصوت في كلام الله -عز وجلّ- أو في حديث صحيح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- غير حديثه، وليس بنا ضرورة إلى اثباته"
وقال ابن ناصر الدين: هذا حديث حسن مداره على القاسم بن عبد الواحد وقد وثق فيما ذكره الذهبي.
وابن عقيل قال الترمذي: صدوق تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وحدّث عن البخاري أنّه قال: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه"
وقال المنذري والعراقي: رواه أحمد بإسناد حسن" "الترغيب ٤/ ٤٠٤ - تخريج أحاديث الإحياء للحداد ٦/ ٢٦٩٠
قلت: ابن عقيل مختلف فيه والأكثر على تضعيفه، والقاسم بن عبد الواحد وثقه ابن حبان، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: يكتب حديثه، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: يحتج بحديث سفيان وشعبة. وقال الذهبي في "المجرد": صالح، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول.
والحديث علقه البخاري في موضعين من صحيحه: الأول في باب الخروج في طلب العلم من كتاب العلم وجزم به حيث قال: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد.
والثاني في باب قول الله تعالى {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ: ٢٣] من كتاب التوحيد ولم يجزم به حيث قال: ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان.
قال الحافظ: وادعى بعض المتأخرين أنّ هذا ينقض القاعدة المشهورة، أنّ البخاري حيث يعلق بصيغة الجزم يكون صحيحا، وحيث يعلق بصيغة التمريض يكون فيه علة لأنّه علقه بالجزم هنا -يعني في كتاب العلم- ثم أخرج طرفا من متنه في كتاب التوحيد بصيغة التمريض. وهذه الدعوى مردودة والقاعدة بحمد الله غير منتقضة، ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا، فإنّه حيث ذكر الارتحال فقد جزم به لأنّ الإسناد حسن، وقد