محمد بن صاعد فزاد قليلاً، وقال أبو بكر الصيرفي شارح رسالة الشافعي: رواه ستون نفساً من الصحابة؛ وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلاً، وقال أبو القاسم بن منده: رواه أكثر من ثمانين نفساً. وقد خرّجها بعض النيسابوريين فزادت قليلاً.
وقد جمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب الموضوعات فجاوز التسعين، وبذلك جزم ابن دحية، وقال أبو موسى المديني: يرويه نحو مائة من الصحابة، وقد جمعها بعده الحافظان يوسف بن خليل، وأبو علي البكري، وهما متعاصران فوقع لكل منهما ما ليس عند الآخر. وتحصل من مجموع ذلك كله رواية مائة من الصحابة على ما فصّلته من صحيح، وحسن، وضعيف، وساقط مع أنّ فيها ما هو في مطلق ذم الكذب عليه من غير تقييد بهذا الوعيد الخاص.
ونقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة، ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه جماعة أنه متواتر، ونازع بعض مشايخنا في ذلك قال: لأنّ شرط المتواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة، وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها.
وأجيب: بأنّ المراد بإطلاق كونه متواتراً رواية المجموع عن المجموع، من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر، وهذا كاف في إفادة العلم. وأيضاً فطريق أنس وحدها قد رواها عنه العدد الكثير، وتواترت عنهم، نعم وحديث عليّ رواه عنه ستة من مشاهير التابعين وثقاتهم، وكذا حديث ابن مسعود، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، فلو قيل في كل منهما إنّه متواتر عن صحابته لكان صحيحاً، فإنّ العدد المعين لا يشترط في المتواتر، بل ما أفاد العلم كفى. والصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه كما قررته في "نكت علوم الحديث" وفي شرح "نخبة الفكر" وبيّنت هناك الرد على من ادعى أنّ مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث، وبيّنت أنّ أمثلته كثيرة؛ منها حديث:"من بني لله مسجداً" و"المسح على الخفين"، و"رفع اليدين" و"الشفاعة" و"الحوض" و"رؤية الله في الأخرة" و"الأئمة من قريش" وغير ذلك، والله المستعان.
وأما ما نقله البيهقي عن الحاكم، ووافقه أنّه جاء من رواية العشرة المشهورة قال: وليس في الدنيا حديث أجمع العشرة على روايته غيره، فقد تعقبه غير واحد لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي ومن بعده، والثابت منها ما قدمت ذكره، فمن الصحاح: علىّ والزبير، ومن الحسان: طلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة. ومن الضعيف المتماسك طريق عثمان. وبقيتها ضعيف وساقط" (١)