للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذهبًا وفضة لسالت" فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مالًا لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم ارزق ثعلبة مالًا" فاتخذ غنمًا فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل واديًا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلوات إلا يوم الجمعة وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما فعل ثعلبة؟ " فقالوا: يا رسول الله اتخذ غنمًا وضاقت عليه المدينة، وأخبروه بخبره فقال: "يا ويح ثعلبة" ثلاثًا، وأنزل الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] الآية وأنزل الله عليهم فرائض الصدقة، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلين على الصدقة رجلًا من جهينة ورجلًا من بني سليم، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين وقال لهما: "مرا بثعلبة وفلان -رجل من بني سليم- فخذا صدقاتهما" فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا، ثم تعودان إلى، فانطلقا وأخبرا السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهم بها، فلما رأوها قالا: ما يجب هذا عليك وما نريد أن نأخذ هذا منك، قال: بل خذوه فإنّ نفسي بذلك طيبة، فأخذوها منه، فلما فرغا مرّا بثعلبة، فقال: أروني كتابكما أنظر فيه، فقال: ما هذا إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآهما قال: "يا ويح ثعلبة" قبل أن يكلمهما، ودعا للمسلمين بالبركة، وأخبروه بالذي صنع السلمي، فأنزل الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥] إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٧] وعند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك، فخرج حتى أتى ثعلبة، فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة، حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسأله أن يقبل منه صدقته فقال: "إنّ الله منعني أن أقبل منك صدقتك" فجعل يحثو التراب على رأسه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني" فلما أبى أن يقبل منه شيئًا رجع إلى منزله، وقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقبل منه شيئًا، ثم أتى أبا بكر -رضي الله عنه- حين استخلف فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وموضعي في الأنصار، فاقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أقبلها؟ فقبض أبو بكر، وأبى أن يقبلها، فلما ولي عمر بن الخطاب، أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها منك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أبو بكر، فأنا أقبلها منك؟ ولم يقبلها، وقبض عمر ثم ولي عثمان، فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: لم يقبلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أبو بكر ولا عمر، وأنا أقبلها منك؟ فلم يقبلها منه عثمان وهلك ثعلبة في خلافة عثمان.

قال البيهقي: في إسناد هذا الحديث نظر"

<<  <  ج: ص:  >  >>