مسطح، قالت عائشة: فقلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أتأذن لي أن أذهب إلى أهلي؟ قال:"اذهبي" فخرجت عائشة حتى أتت أباها أبا بكر قال لها أبو بكر: ما لك؟ قالت: أخرجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيته، قال لها أبو بكر: فأخرجك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فآويك، أنا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يؤويها، فقال لها أبو بكر: والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط، فكيف وقد أعزنا الله بالإِسلام؟ فبكت عائشة وأم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن، وبكى معهم أهل الدار، وبلغ ذاك النبي -صلى الله عليه وسلم- فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال:"أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني؟ " فقام إليه سعد بن معاذ فسلَّ سيفه فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن يك من الأوس أتيتك برأسه، وإن يك من الخزرج أمرتنا بأمرك فيه، فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت والله ما تقدر على قتله إنما طلبتنا بذحولٍ كانت بيننا وبينكم في الجاهلية، فقال هذا: يا للأوس، وقال هذا: يا للخزرج، فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطموا، فقام أسيد بن حضير فقال: فيم الكلام؟ هذا رسول الله يأمرنا بأمره فسفد عن رغم أنف من رغم، ونزل جبريل عليه السلام وهو على المنبر، فصعد إليه أبو عبيدة بن الجراح فاحتضنه، فلما سرِّي عنه أومأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس جميعاً، ثم تلا عليهم ما نزل به جبريل عليه السلام فنزل:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}[الحجرات: ٩] بالسيف إلى آخر الآيات، فصاح الناس: رضينا يا رسول الله بما أنزل الله من القرآن، فقام بعضهم إلى بعض فتلازموا وتصالحوا، ونزل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المنبر، وانتظر الوحي في عائشة، وبعث إلى علي وأسامة وبريرة، وكان إذا أراد أن يستشير امرءاً لم يعد علياً وأسامة بعد موت أبيه زيد، فقال لعلي:"ما تقول في عائشة؟ فقد أهمني ما قال الناس فيها" فقال له: يا رسول الله! قد قال الناس وقد حلَّ لك طلاقها، وقال لأسامة:"ما تقول أنت؟ " قال: سبحان الله ما يحل لنا أن نتكلم في هذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، فقال لبريرة:"ما تقولين يا بريرة؟ " قالت: والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا خيراً، إلا إنها امرأة نؤوم تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها، وإن كان شيء من هذا ليخبرنك الله، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى منزل أبي بكر، فدخل عليها فقال لها:"يا عائشة إن كنت فعلت هذا الأمر فقولي حتى أستغفر الله لك" قالت: والله لا أستغفر الله منه أبداً، إن كنت فعلته فلا غفر الله لي، وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف -وذهب اسم يعقوب من الأسف- إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون - فبينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلمها إذ نزل جبريل عليه السلام بالوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخذت النبي -صلى الله عليه وسلم- نعسة، فقام أبو بكر لعائشة: قومي فاحتضني رسول الله، فقالت: لا والله لا أدنو منه، فقام أبو بكر فاحتضن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسرِّي عنه وهو يبتسم فقال:"عائشة قد أنزل الله عذرك" قالت: بحمد الله لا بحمدك، فتلا عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سورة