للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق العلماء على أنه ليس أحد معصوما إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[نهي الأئمة الأربعة عن تقليدهم]

وهؤلاء الأئمة الأربعة قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولون، فقال أبو حنيفة: "علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه".

وقال معن بن عيسى: سمعت مالكا يقول: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في قولي، فكل ما خالف الكتاب والسنة فاتركوه".

وقال ابن القاسم: كان مالك يكثر أن يقول: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} ١.

وقال الشافعي: "إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط، وإذا رأيت الحجة على الطريق فهي قولي".

والإمام أحمد كان يقول: "لا تقلدوني، ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري، وتعلموا كما تعلمنا". وكان يقول: "من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال". وقال: "لا تقلد دينك الرجال؛ فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا".

وقال ابن عبد البر: "أجمعَ الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله".

[من شروط القاضي الاجتهاد]

ولهذا جعل الفقهاء من شروط القاضي أن يكون مجتهدا، فلا يصح أن يتولاه المقلد، هذا الذي عليه جمهور العلماء.

قال في "الإفصاح":٢ اتفقوا على أنه لا يجوز أن يولى القضاء من ليس من أهل الاجتهاد، إلا أبا حنيفة؛ فإنه قال: يجوز ذلك.

وقال الموفق في "المغني"٣: يشترط في القاضي ثلاثة شروط:

(أحدها): الكمال؛ وهو نوعان: كمال الأحكام، وكمال الخلقة.

(والثاني): العدالة.

(والثالث): أن يكون من أهل الاجتهاد.

وبهذا قال مالك والشافعي وبعض


١ سورة الجاثية آية: ٣٢.
٢ "الإفصاح عن شرح معاني الصحاح" -أي أحاديث الصحيحين- لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الوزير المتوفى سنة ٥٦٠.
٣ "المغني في فقه المذاهب الإسلامية" للشيخ موفق الدين بن قدامة الحنبلي، المتوفى في سنة ٦٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>