للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللحم: أنت أعلم بهذه الأحاديث من الإمام الشافعي؟ فقد سمعها ولم يأخذ بها.

فنقول له: قد خالف الشافعي في هذه المسألة من هو مثله أو أعلم منه، كمالك والإمام أحمد -رحمهما الله-، وغيرهما من كبار الأئمة، فنجعل هؤلاء الأئمة بإزاء الشافعي، ونقول: إمام بإمام. وتسلم لنا الأحاديث، ونرد الأمر إلى الله والرسول عند تنازع هؤلاء الأئمة، ونتبع الإمام الذي أخذ بالنص، ونعمل بقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ١.

فنمتثل ما أمر الله به، وهذا هو الواجب علينا، ولسنا في هذا العمل خارجين عن التقليد، بل خرجنا من تقليد إمام إلى تقليد إمام آخر لأجل الحجة التي أدلى بها من غير معارض لها ولا ناسخ.

[الانتقال من مذهب إلى مذهب لأمر ديني]

فالانتقال من مذهب إلى مذهب آخر لأمر ديني بأن تبين له رجحان قول على قول، فيرجع إلى القول الذي يرى أنه أقرب إلى الدليل- مثاب على فعله، بل واجب على كل أحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر، أن لا يعدل عنه، ولا يتبع أحدا في مخالفة حكم الله ورسوله؛ فإن الله فرض على الخلق طاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل حال كما تقدم ذكره.

وقد ذكرنا أن الشافعي -رحمه الله- قال: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس.

[الانتقال من مذهب إلى مذهب لمجرد الهوى]

• الانتقال من مذهب إلى آخر:

وأما الانتقال من مذهب إلى مذهب لمجرد الهوى أو لغرض دنيوي، فهذا لا يجوز، وصاحبه يكون متبعا لهواه؛ وقد نص الإمام أحمد -رحمه الله- على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبًا أو محرما، ثم يعتقده غير واجب


١ سورة النساء آية: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>