للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغو، لا شيء فيه مع الإطلاق، وفيه مع قرينته أو نيته أي الطلاق وجهان، وأطلقهما في المغني والشرح والفروع. قلت: والصواب أنه مع النية والقرينة، كقوله: أنت علي حرام، ثم وجدت ابن رزين قدمه، وقال في الفروع: ويتوجه الوجهان إن نوى به طلاقا، وإن العرف قرينة، ثم قال: قلت: الصواب أنه مع القرينة أو النية، كأنت علي حرام، وهذا كله كلام الإنصاف.

واعلم أن الحلف بالحرام له صيغتان:

(إحداهما) أن يقول: إن فعلت كذا، فأنت علي حرام، أو أنت علي حرام إن فعلت كذا، أو إن فعلت كذا فامرأتي علي حرام، هذا كله صيغة واحدة.

(والصيغة الثانية): أن يقول: الحرام يلزمني إن فعلت كذا، أو إن فعلت كذا فالحرام لازم، أو علي الحرام لا أفعل كذا، وما أشبه هذا؛ فكل هذا حلف بالحرام، وقد اختلف العلماء في ذلك قديما وحديثا حتى ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتاب الإعلام أن فيها خمسة عشر قولا، ثم سردها، ثم قال: وفي المسألة مذهب وراء هذا كله، وهو أنه إذا وقع التحريم كان ظهارا، ولو نوى أنه الطلاق، وإن حلف به كان يمينا مكفرة، قال: وهذا اختيار شيخ الإسلام، وعليه يدل النص والقياس. انتهى كلامه.

وهذا هو الراجح عندي في هذه المسألة لأن أكثر الناس يقصدون بها الحلف عن الحض والمنع، فعلى هذا يكون من أيمان المسلمين التي فرض الله فيها الكفارة، كما قال تعالى في أول سورة التحريم: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ١ بعد قوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ٢، فدل على أن الحلف بالحرام من أيمان المسلمين المكفرة، لكن هل


١ سورة التحريم آية: ٢.
٢ سورة التحريم آية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>