تكون كفارته كفارة يمين مغلظة أو مخففة؟ وممن قال بأنه يكفر كفارة ظهار ابن عباس في إحدى الروايات عنه، وسعيد بن جبير وأبو قلابة ووهب بن منبه وعثمان البتي، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد. وحجة هذا القول أن الله جعل تشبيه المرأة بأمه المحرمة عليه ظهارا، وجعله منكرا من القول وزورا، فالتشبيه بالمحرمة يجعله ظهارا، فإذا صرح بتحريمها كان أولى بالظهار.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وهذا أقيس الأقوال وأفقهها، ويؤيده أن الله لم يجعل للمكلف التحليل والتحريم، وإنما ذلك إليه -سبحانه-، وإنما جعل له مباشرة الأفعال والأقوال التي يترتب عليها التحليل والتحريم، فالسبب إلى العبد وحكمه إلى الله، فإذا قال: أنت علي كظهر أمي، أو قال: أنت علي حرام، فقد قال المنكر من القول والزور، وكذب، فإن الله لم يجعلها كظهر أمه، ولا جعلها عليه حراما، فأوجب عليه هذا القول المنكر والزور أغلظ الكفارتين، وهي كفارة الظهار. انتهى.
وأما من قال: إنه يمين يكفر بما تكفر به اليمين بكل حال، وهو قول أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وعائشة، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وجمع من التابعين، فحجة هذا القول ظاهر القرآن، فإن الله -سبحانه- فرض تحلة الأيمان عقب تحريم الحلال، فلا بد أن يتناوله يقينا، فلا يجوز جعل تحلة الأيمان بغير المذكور، ويخرج المذكور عن حكم التحلة التي قصد ذكرها لأجله، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
[موت الموقوف عليه قبل الواقف]
(المسألة الثانية عشرة): لو قال: عقاري هذا مسبل يفعل به فلان ما شاء أو أراد، ومات فلان قبله، والحال إن قصده من جهات بر معلومة كصوام أو مؤذن أو إمام، ما الحكم فيه؟